رياضة

العالم العربي يتعاطف مع مشجعة عربية تعرضت للتنمر والاهانة

في مونديال كاس العالم قطر 2022 .

أصبحت المشجعة ضحية تنمر كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث سخر عديد النشطاء من مظهرها وأساؤوا لها إلى حدّ التجريح والإهانة.

أذ و تعرضت مشجعة تونسية حضرت لمساندة وتشجيع منتخب بلادها في مباراته ضد المنتخب الأسترالي في إطار منافسات كأس العالم ب‍قطر، لحملة تنمر واسعة وموجة من التعليقات الساخرة بسبب شكلها.

وظهرت المشجعة التي ارتدت قميصا عليه علم تونس، في مدارج ملعب “الجنوب” وهي تتابع بتركيز مجريات مقابلة المنتخب التونسي لكرة القدم مع منتخب أستراليا، في لحظة التقطتها عدسات الكاميرا.

وفور انتشار صورها، أصبحت المشجعة ضحية تنمر كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث سخر عديد النشطاء من مظهرها وأساؤوا لها إلى حدّ التجريح والإهانة، منتقدين استخدامها للكثير من مساحيق وعمليات التجميل على وجهها.

وفي تعليقاتهم، اعتبر البعض أن تواجدها بالمعلب بهذا الشكل كان من أحد أسباب خسارة المنتخب التونسي أمام نظيره الأسترالي، بينما قال آخرون باستهزاء، إن شكلها مخيف.

في المقابل، شنّ ناشطون آخرون حملة مضادة، وتعاطف الكثير مع هذه المشجعة، إذ تساءل الناشط منير المومني عن أسباب هذا التنمّر الذي تعرّضت له هذه المشجعة وأسباب تداول وانتشار صورها بشكل واسع، واستغرابه من تحميلها مسؤولية خسارة المنتخب أمام أستراليا، مشيرا إلى أنها “فتاة تونسية حرّة فيما تفعله بشكلها طالما لم تتجاوز حدودها ولم تظهر بشكل منافٍ للأخلاق ولم تقم بالمساس بالذات البشرية”.
ومن جهتها، قالت الناشطة أميرة سهيلي، إن هذه المشجعة تستحق كل الاحترام لأنها مرتاحة بشكلها، إضافة إلى أنّها لبست قميصا عليه علم بلادها ودفعت ثمنا دخولها للملعب لتشجيع المنتخب وليس لاستعراض مقومات الجمال الطبيعي، مشيرة إلى أنّ الهجوم الذي شنّه البعض على شكلها الخارجي يبعث على الاشمئزاز.

التنمر.. جريمة تظل ندوبها مدى الحياة

لم تنجح ثلاثون سنة مرت في محو تلك المشاهد من ذاكرة “هدى” لقصة تنمُر عاشتها في مدرستها الابتدائية في إحدى ضواحي العاصمة تونس. “كنت أدرس بالسنة الثالثة ابتدائي وحدث أن مزقت المعلمة كرّاسي بسبب خطي الرديء، وطلبت من والدي كي يقتني لي أخرى، وقد حدثته عما حدث في القسم ليتوجه إلى مدير المدرسة الذي وبخ المعلمة”، هكذا تقول محدثتنا التي استقبلتنا في منزلها لتحدثنا عن قصة أثرت في مسار حياتها.

هدى: أنا أعاني ولم أجد حلًا وكل ما أتمناه أن يجمعني القدر بتلك المعلمة لأقول لها إنها حطمت أشياء جميلة جدًا بداخلي

تتابع “هدى” أن المعلمة قامت لاحقًا بدعوتها للوقوف أمام السبورة، وقد كانت أطول تلميذة في القسم وتوجد تلميذة أخرى تحمل نفس الاسم، فقالت معلمتها “شوفوا ها الطويلة البهلولة البهيمة في القراية.. وهاهي هدى الأخرى الذكية الجميلة فلنا في القسم هدى الجميلة وهدى الطويلة البهيمة” لينفر القسم ضاحكًا.

تستذكر محدثتنا فصول هذه الحادثة حتى أجهشت باكية حتى اعتقدنا أننا لن نقدر على مواصلة حوارنا معها. فمنذ ذلك اليوم، باتت “هدى” موضع تندر التلاميذ كلما مرت وباتوا ينادونها بـ”الطويلة البهلولة” وسط الساحة وحتى خارج المدرسة. كما واصلت المعلمة مناداتها بـ”هدى البهلولة” عند مناداتها لتنظيف السبورة أو لمدها بورقة إعدادها وسط ضحك التلاميذ في كل مرة.

كرهت “هدى” الدراسة والمدرسة وباتت تكذب على عائلتها وتوهمها بأنها مريضة غير قادرة على الذهاب، ورفضت إخبارها بما حدث خوفًا من أن يتدخل المدير لدى المعلمة وتزيد هي في إهانتها امام التلاميذ كما حدث سابقًا.

أذ خيرت الصمت وتدهورت نتائجها الدراسية، واعتقدت العائلة أن مستوى ابنتهم محدود ولكن لم تكن تلك الحقيقة. “كانت عائلتي تبذل مجهودًا كبيرًا لأواصل التعليم، وواصلت مكرهة وتخرجت من الجامعة لكني لم أحب الدراسة منذ تلك الحادثة”، هكذا تقول هدى.

باتت صفة “طويلة” تمثل كابوسًا لهدى حتى وإن كانت تقال في موضع المدح لها لرشاقتها، فقد ارتبطت عندها بالذم والسخرية قائلة “أشعر بألم أخفيه كلما قيلت لي تلك الكلمة بل أتعمد ألا ألبس الكعب العالي حتى لا أبدو طويلة”.

تضيف “صار الخوف من أن يتعرض ابني للتنمر داخل القسم كابوسًا يؤرقني، وبت أرافقه وأساله عن تفاصيل ما قيل له أثناء الدرس وأتحدث الى كل مدرساته. أنا أعاني ولم أجد حلًا وكل ما أتمناه أن يجمعني القدر بتلك المعلمة لأقول لها أنها حطمت أشياء جميلة جدًا بداخلي”.

التنمر .. جريمة دون عقوبة؟

هدى هي واحدة ممن تعرضوا للتنمر والذي تعرفه الأخصائية النفسانية أميرة العروي على انه يستوجب شروط هي أولًا أن يقوم على علاقة فيها نية الاعتداء على الاخر وإلحاق الضرر به، وثانيًا على عدم التوازن في السلطة وأخيرًا يستلزم تواتر السلوك.

وتشير، في حديثها لـ”ألترا تونس”، الى أن العمل الفعلي على ملف التنمر بدأ في التسعينيات وانطلق من سؤال التلميذ متى عاش دور الضحية لأن الضحية هو الذي يتحدث على خلاف مرتكب الفعل.

أميرة العروي (أخصائية نفسانية): يؤثر التنمر بشكل مباشر على دراسة الطفل من خلال الغيابات وصولًا إلى الانقطاع عن التعليم

وبينت أن الولي مثلًا لا يعطي أهمية للتنمر لأن الطفل إذا قال أنه نُعت بـ”السمين” أو “الطويل” قيل له “عادشبيه.. مافيها شيء” (وما المشكل؟ لا يوجد شيء) إضافة إلى أن الطفل لا يمكن أن يقدم الدليل لأن مرتكب فعل التنمر يختار المكان والزمان المناسبين. وتضيف، في هذا الجانب، أن الفاعل يختار مكان يغيب فيه الكبار مقابل حضور الصغار الذين سيدعمون فعل التنمر الذي أقدم عليه من يمثل السلطة عندهم.

وأكدت العروي على خطورة تأثير التنمر على الطفل وتحديدًا بخصوص التأثير المباشر على دراسته من خلال الغيابات وصولًا الى الانقطاع عن التعليم، إلى جانب التأثير في شخصية الطفل الذي سيفشل في التعامل مع الآخر وسيعاني من ضعف الشخصية طيلة حياته.

وتحدث الأخصائية النفسانية، في ختام حديثنا معها، عن غياب النص التأديبي لمرتكب فعل التنمر ملاحظة أن النص الوحيد الموجود يعود لسنة 1991 وينظم العقوبات المسلطة على التلميذ أي أن العنف محدّد إما من قبل التلميذ ضد المعلم أو أي إطار تربوي أو من التلميذ تجاه زميله، وذلك في غياب صورة تعرض التلميذ للتنمر أو العنف من قبل معلّمه أو أي إطار تربوي.

 

ما لاتعرفهُ عن غانم المفتاح من هو الشاب القطري ذو الهمم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى