عاجل

باسل الجراح يعترف بالرشوة لشركات نفطية ومسؤولين عراقيين

أقر شريك سابق بالعراق لأونا أويل، وهي شركة استشارات للنفط والغاز مقرها موناكو، بالذنب في خمس اتهامات بالرشوة في أول إدانة في تحقيق جنائي مستمر منذ ثلاث سنوات يجريه مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في بريطانيا.
وقال المكتب إن باسل الجراح (70 عاما) أقر بالذنب في الخامس عشر من يوليو تموز في التآمر لتقديم رشى تتعلق بترسية عقود توريد وتركيب منصات أحادية عائمة وخطوط أنابيب للنفط في جنوب العراق.
وذكر مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة إن إدانة الجراح، التي تأتي قبل ستة أشهر من مواجهة ثلاثة متهمين آخرين في القضية محاكمة جنائية في لندن، أُعلنت بعد إلغاء أمر بحظر النشر في جلسة تسبق المحاكمة عُقدت يوم الجمعة.
ولم يقر بالذنب كل من زياد عقل، المدير الإقليمي السابق لدى أونا أويل في العراق وستيفن وايتلي وبول بوند، اللذان يعملان لحساب شركة إس.بي.إم (أوفشور) لخدمات النفط والغاز ومقرها هولندا.
وعقل البالغ من العمر 44 عاما متهم بثلاث جرائم للتآمر لتقديم رشى. ويواجه بوند (67 عاما) الذي كان مديرا في السابق للمبيعات لدى إس.بي.إم (أوفشور)، ووايتلي (64 عاما) والذي كان نائبا للرئيس في السابق لدى إس.بي.إم (أوفشور) ويتولى منصب المدير العام الإقليمي للعراق وقازاخستان وأنجولا لدى أونا أويل تهمتين كل على حدة.
وقال سام هيلي، وهو محام يمثل وايتلي، إن موكله “دأب على إنكار” كل المخالفات المزعومة.
وأضاف قائلا “السيد وايتلي تعاون بشكل كامل مع مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة عندما قاموا بفتح تحقيقاتهم وسيدافع بقوة عن نفسه في مواجهة الاتهامات”.
وامتنع محامون عن الجراح وبوند عن التعليق. ولم يتسن الوصول حتى الآن إلى المحامي الذي يمثل عقل للحصول على تعقيب.
وامتنعت متحدثة باسم أونا أويل عن التعقيب، بينما قالت إس.بي.إم أوفشور إن سياسة الشركة هي عدم الإدلاء بتعليق بشأن الموظفين السابقين أو الحاليين.

باسل الجراح، صاحب الجواز البريطاني الذي يعيش في مدينة هال شمال انكلترا، كثير السفر بين لندن وبغداد والبصرة وعمان وباريس واسطنبول والكويت.

الجراح مهتم في انتاج وصناعة النفط، كان في عام ٢٠١١ ينتظر رحلته الى العاصمة الاردنية عمان. في هذه السنة كان الجراح مديراً اقليمياً لشركة كبيرة مقرها في موناكو تحمل الاسم “يونا أويل”، هذه الشركة التي لها فروع في كل انحاء الشرق الاوسط، اصبح لها نفوذٌ ومراتب عليا من وراء مسؤولين عراقيين قدموا الرشى خلال عملية بيع النفط.

ووفقاً لبريد الجراح الالكتروني، فانه توصل الى اتفاق بين شركته الذي هو يشغل فيها منصب المدير الاقليمي للشرق الاوسط، وشركة FMC التي تحصل على نسبة من 5 الى 10 في المائة من العقد، مقابل ان تعطي شركة FMC مبلغاً قدره 2.5 مليون دولار كرشوة الى شركة يونا اويل، لتحصل على عقد بقيمة 25 مليون دولار. وبهذه الحالة وافقت “يونا اويل” بمنح العقد للشركة في الكويت.

الجراح في هذه الاثناء اقترب من مسؤول كبير في النفط العراق، وهو كفاح نعمان، الذي ساعد شركة FMC الامريكية بالفوز بعقود مع الحكومة العراقية. وكان في بريد الجراح الالكتروني، رسالة جاء فيها ” هذه الايام صعبة لاقناع كفاح، لكنه سيلين هذه الليلة”.

اسم نعمان كان كثير التداول في رسائل الجراح الالكترونية، فأحدى الرسائل تقول، ان “الجراح كان مع نعمان في دبي وقضيا وقتاً معاً لمدة خمسة أيام، لضمان اتصال المنافسين بشركة “يونا اويل”.

خلال الفترة التي مكثيا فيها بدبي، كان الجراح يدعو نعمان الى الاهتمام بمظهره الشخصي، فالجراح انفق ما يقارب 2684 دولار امريكي لشراء هدايا للسيد نعمان مثل العطور الفاخرة وجهاز هاتف حديث جداً، وسترة جلدية.

في هذا الوقت، كان الجراح قد اقنع نعمان على انه ممثل عن شركة رولز رويس، فالجراح كان يريد الحصول على عقد من كفاح مقابل اعطائه مكافأة. الجراح حينما انفق قرابة الفين دولار امريكي، كان هدفه أن يضمن، أن شركة رولز وريس ستصبح بايدي شركة “يونا اويل”، وفقاً لمحادثات اجراها الجراح عبر بريده الالكتروني.

وفي رسالة اخرى من الجراح كُتبت في وقت لاحق لنعمان، نصحه فيها، أن شركتيْ “يونا اويل” و ورلز رويس، يمكنهما فرض اسعار مبالغ فيها على الحكومة العراقية لضمان ارباح طائلة فيما بعد. ونصح الجراح نعمان، بان التكلفة يجب تكون 2 مليون دولار لكل من شركة رولز رويس و”يونا اويل”.

مدراء شركة رولز رويس، أخبروا فيرفاكس ميديا و هافينغتون بوست، ان مخاوفهم كبيرة بشأن رشوة ما جرت وتنطوي على وسطاء يجري التحقيق معهم من قبل مكتب مكافحة الاجرام والاحتيال في بريطانيا.

وفي عام 2008، اصبح نعمان مديراً عاماً لشركة نفط الجنوب العراقية، المسؤولة عن حقول النفط الاكثر قيمة في البلد.

وتقول احدى رسائل الجراح، دعاني كفاح امس، حيث كتب لي، “انه فرح اليوم ولا يعرف دقة الانباء التي تتحدث عن تسنمه منصب المدير العام، لكنه يخطط للسفر الى دبي بينما انا ذاهب الى هناك، سأخذ القليل من الجعّة اليوم للاحتفال”. كان الرد من شركة “يونا اويل”، نحن متفائلون على حد سواء، ودعونا نرى كيف يمكننا القيام باشياء نعرف اننا الوحيدون التي سنصل اليها.

 

الضوء

شركة “يونا اويل” هي شركة عائلية، تأسست في سبعينات القرن الماضي على يد المهذب عطا أحساني الايراني الاصل، الذي سرعان ما غادر بلاده في وقت الثورة الايرانية. وفي عام 1991 انشأ الاعمال التجارية واستشارات النفط في لندن ومن ثم موناكو.

هناك عيّن ابنائه سايروس وسامان لمساعدته، “يونا اويل” اليوم تنمو حتى وصل عدد موظفيها الى 200 موظف، لكنها تمتلك اسراراً قذرة لانها تقوم بدفع الرشى كالتي دفعتها الى المسؤولين العراقيين ومسؤولي دول العالم. واللاعبون الابرز فيها، عطا أحساني، سايروس وسامان وبطبيعة الحال باسل الجراح.

في رسالة الكترونية وصلت الى سايروس احساني، كتب الجراح بضرورة دفع عشرات الالاف من الدولارات كرشى لـ “اصدقاء جدد” يعملون داخل وزارة النفط العراقية. اذ ستساعد هذه الاموال بحسب الجراح، في تأمين عقد توريد المواد الكيميائية المستخدمة في عملية تكرير النفط العلامة التي تقوم بها شركة ويذرفورد. بموجب هذا العقد، الذي عملت فيه شركة ويذرفورد، دفعت شركة “يونا اويل” رشوة لمجموعة من كبار المسؤولين العراقيين بما فيهم شخصية اطلقت الشركة عليه لقب “Lighthouse” اي منارة البيت!

وكتب الجراح بريداً الكترونياً قال فيه ” منذ مشاركة الاصدقاء الجدد في هذا العام، الذين هم عاملون في الوزارة، فأنا حولت نصيبهم من 5 دولار للبرميل الواحد الى 13 دولاراً”. وقالت المتحدثة باسم ويذرفورد، ان الشركة خفضت من ارسال المواد الكيميائية واوقفت التعامل مع شركة يونا اويل في عام 2013.

وكان مقر شركة نفط الجنوب في البصرة، موطنا مملوكا لمدير شركة نفط الجنوب، حيث كان “Lighthouse” قد بنى امبراطوريته هناك، وكان واضحاً تأثير الجراح عليه. اما الاسم الحقيقي لصاحب لقب ” Lighthouse” فهو ضياء جعفر الموسوي.

لحظة تولي ضياء الموسوي ادارة شركة نفط الجنوب، كان الجراح يحاول ان يرشي الموسوي تدريجياً، حتى ان ساسروس احساني استفسر عن سبب هذه الرشى الذي اجاب عليها الجراح بالقول : نحن لا نعرف الكثير عنه، لكننا نحاول كسبه الينا من خلال مجموعة تحركات علينا القيام بها وهي “شراء ملابس فاخرة له وإعطاء لابنه دورة في اللغة الانكليزية في دبي وتوظيف ابنه في شركات نفط عاملة في العراق، والحصول له على تأشيرة دخول لدولة الامرات العربية المتحدة”.

وعند النظر الى ضياء جعفر، فهو مرشح سابق لادارة محافظة البصرة، وحينما كانت المحافظة تتطلع لتكون اقليماً مستقلاً، فلو اصبح البصرة اقليماً لكان الوضع بالنسبة لشركة “يونا اويل” مفيداً جداً.

ضياء جعفر، دفعت له شركة “يونا اويل” الكثير من الرشى، في الوقت الذي تم تعيينه في عام ٢٠٠٩، مديراً عاماً لشركة نفط الجنوب، وفي عام ٢٠١٥، اصبح وكيلاً لوزير النفط في الحكومة العراقية.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى