خليها تخيس | حملة اطلقها ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي
أزمة كبيرة في الطاقة مع انخفاض درجات الحرارة

ومنذ أيام يعيش العراقيون، في ظلام دامس وأوضاع صعبة، بسبب تردي الطاقة الكهربائية، في ظل موجة البرد التي اجتاحت البلاد، ما يزيد الطلب على الكهرباء ، لتدفئة المنازل.
وتشهد المدن والبلدات العراقية موجة تساقط الثلوج اذ طالت جميع مدن إقليم كردستان ومحافظات كركوك ، ونينوى، وصلاح الدين، والأنبار، ومناطق شمالي بغداد.
وبحسب وزارة الكهرباء العراقية، فإن سبب انخفاض ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية في البلاد، هو خفض طهران معدلات الغاز لتشغيل محطات إنتاج الطاقة، وانحسار إطلاقات الغاز المورد وإطفاء خطوط تجهيز الكهرباء الإيرانية.
وذكرت الوزارة، في بيان صحفي، أن “منظومة الطاقة الكهربائية في العراق لا تزال متأثرة بشكل كبير بفعل انحسار إطلاقات الغاز المورد من إيران وتخفيض معدلاته 8.5 مليون متر مكعب يوميا من أصل إجمالي الكمية المتعاقد عليها والبالغة 50 مليون متر مكعب، فضلا عن أن الجانب الإيراني قام بإطفاء الخطوط الناقلة للطاقة إلى العراق، ما أدى إلى خسارة 1100 ميغاوات”.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، طالب نشطاء عراقيون بمقاطعة المنتجات الإيرانية، رداً على قطع غاز المحطات الكهربائية، حيث دعوا أصحاب المتاجر، والمحال والمتبضعين إلى عدم شراء تلك البضائع، وتركها في المخازن.
وشارك في الحملة التي انطلقت عبر وسم “خليها تخيس”، وهو ما يعني “دعها تتلف” باللهجة العراقية، آلاف الناشطين والمدوّنين والصحفيين والفاعلين في الرأي العام، بهدف الضغط نحو مقاطعة المنتجات الإيرانية، التي تنتشر بكثرة في العراق، مثل الأجبان والألبان، وغيرها من البضائع الصناعية.
وقال الصحفي زيد عبد الوهاب إن “حملة “خليها تخيس” أطلقها نشطاء عراقيون لمقاطعة المنتجات الإيرانية ردا على قطع الحكومة في إيران الغاز عن العراق ما تسبب بأزمة طاقة كهربائية”.
فيما كتب عمر الجنابي، قائلا: “حملة خليها تخيس ثورة غضب آنية بسبب قطع الكهرباء نتيجة قرار إيراني بهدف تسديد العراق ما بذمته من ديون لإيران.. الحملة لن تكون مؤثرة ما لم تقابل بمعاملة بالمثل من قبل السلطة العراقية، التي توضع كل 6 أشهر بهذا الموقف من قبل نظيرتها الإيرانية لنفس السبب، إيران تتعامل بـ”بلطجة” دائما.
وعلى حساباتهم في موقع “تويتر” نشر نشطاء، صورا للبضائع الإيرانية، وكذلك صور دعائية مصممة، بهدف زيادة التفاعل مع الحملة، وتحقيق استجابة متقدمة، نحوها، ما يمكن أن يشكل ضغطا اقتصاديا على إيران، التي تتخذ من الساحة العراقية، سوقا استهلاكية كبيرة لبضائعها، فضلا عن وجود عدد من المعامل، الخاصة بالمواد الغذائية.
ويعتمد العراق على الغاز المستورد من إيران في تشغيل محطات توليد الكهرباء في جنوب البلاد، وفي حال توقفت إيران عن إمداد العراق بالغاز فإن العجز في الكهرباء في البلاد قد يتجاوز نسبة الثلث، حيث يستورد العراق ما بين 1.5 و1.8 مليار قدم مكعب من الغاز الإيراني يوميا.
وانفجرت أزمة كهرباء في العراق خلال يوليو الماضي بسبب امتناع إيران عن توريد الغاز بعد ارتفاع فاتورة الدين على بغداد، وتخلف الجانب العراقي عن سداد الديون المتراكمة عليه التي تقدر بمليارات الدولارات، حيث حالت العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، دون إمكانية تسديدها بالدولار، ما اضطر البلدان إلى إجراء مفاوضات جديدة وتسويات تجارية.
من جهته، قال المحلل الاقتصادي، سرمد الشمري، إن “حملة مقاطعة البضائع الإيرانية سيكون لها تأثير جيد، خلال الفترة المقبلة، وهي تهدف إلى الضغط على طهران، لتعديل سياستها تجاه العراق، ولفت أنظار العالم كذلك إلى تلك الممارسات”.
ويرى الشمري، أن “العراق لديه مسار واضح، في ملف الطاقة، وهو يسير نحوه، منذ عدة أشهر، مثل ملف الطاقة النظيفة، والربط مع دول الخليج، وإعادة ترتيب أوراق المحطات الداخلية، لكن المسألة بحاجة إلى وقت أطول، لحصد النتائج”.
الغاز في العراق
هذا وقد توقعت شركة سيونوبيك الصينية أن تشهد أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعاً بنسبة 20% في الربع الأخير من السنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. يأتي هذا بينما أعلنت وزارة النفط العراقي في بيان أصدرته في أيلول من السنة الحالية (2021) أن إنتاج الغاز الطبيعي في العراق بلغ مليارين و879 مليون قدم مكعب في اليوم، لكن ملياراً و507 ملايين قدم مكعب من هذا الإنتاج يُهدر.
وذكر بيان وزارة النفط العراقية المنشور على صفحتها الرسمية أن حقول نفط الشمال والوسط تنتج في اليوم 348 مليون قدم مكعب من الغاز ويتم هدر 115 مليون قدم مكعب من هذه الكمية عن طريق حرقه مباشرة، أما إنتاج الغاز الطبيعي في البصرة وذيقار وميسان فيبلغ مليارين و531 مليون قدم مكعب في اليوم يتم هدر مليار و392 مليون قدم مكعب.
وأشارت وزارة النفط العراقية إلى إنتاج مليار و317 مليار قدم مكعب من الغاز الجاف في العراق، وإنتاج 5571 طن من الغاز المسال في اليوم.
يأتي حرق وهدر الغاز في العراق بينما ظهرت منذ فترة أزمة غاز في دول أوروبا يتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز.
وتتوقع شركة سيونوبيك الصينية أن تشهد أسعار الغاز الطبيعي ارتفاعاً بنسبة 20% في الربع الأخير من السنة الحالية مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية نتيجة ارتفاع الطلب بسبب توقعات حلول فصل شتاء بارد على الصين وارتفاع تكاليف استيراد الغاز.
تخمن وزارة النفط العراقية إحتياطي البلد من الغاز الطبيعي بـ124 ترليون قدم مكعب، يشكل الغاز المصاحب إنتاج النفط 70% من هذه الكمية.
يأتي العراق في المرتبة 11 عالمياً والمرتبة الخامسة عربياً من حيث الغنى بالغاز الطبيعي.
ويُعتقد أن أزمة الفحم ومصادر الطاقة ستؤدي في الشتاء القادم إلى ارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 10% وخاصة في دول أوروبا والصين.
شركة سينوبيك الحكومية الصينية لإنتاج النفط والغاز، أعلنت أنها سترفع مستويات استيراد الغاز المسال في الشتاء المقبل بنسبة 9%، وأنها وستزيد من قدرات تخزين الغاز وتنشئ مخازن جديدة.
ورأى نائب رئيس الشركة التي تمتلك أكبر مصفى في آسيا، هوانغ وينشينغ، أن استهلاك البنزين في الصين سيبلغ أعلى مستوياته في العامين 2025 و2026، في حين أن استخدام زيت الغاز (وقود الديزل) ارتفع لأعلى المستويات منذ العام 2017.
هذا وقد أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، انحسار الغاز المورد من إيران، فيما أشارت إلى أن ذلك تسبب بخسارة ما يقارب 3400 ميغاواط من الكهرباء.
وذكرت في بيان صحفي: “بالنظر للتغييرات التي تطرأ على سوق النفط العالمي بصورة مستمرة، تجددت انحسارات إطلاق الغاز الإيراني المورد عن محطاتنا والتي بدت واضحة على ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية، خصوصا بعد دخول المنظومة الوطنية فترة الأحمال الشتوية”.
وأضافت: “بالرغم من وجود اتفاقات مسبقة مع الجمهورية الإسلامية في إيران على تزويدنا بـ 70 مليون متر مكعب من الوقود صيفا، و50 مليون متر مكعب منه شتاء، وهو ما يسد الحاجة الفعلية، إلا أن الانحسار الذي وصل إلى 8.5 ملايين متر مكعب بدأ يؤثر سلبا على عمل محطاتنا، مسببا تراجع الإنتاج وخسارة ما يقارب 3400 ميغاواط”.
وأشار البيان إلى أن “الوزارة دخلت في مفاوضات جادة مع الجانب الإيراني لحثه على الالتزام ببنود العقد الموقع بين الطرفين، وسعيها دؤوب في مواصلة الضغط لرفع معدلات الغاز المجهز لسد الحاجة الملحة في ظل عدم اكتمال الخطة الوقودية المحلية”.
لدعم منظومة محطات الكهرباء، التي تعتمد على الغاز المستورد. اذ بدأ العراق في تنفيذ عدد من المشروعات الوطنية، في إطار خطته لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز،
وبالتزامن مع مشروعات استغلال الغاز المصاحب، تسعى بغداد لتنفيذ عدد من مشروعات الاسكتشاف في الصحراء الغربية لزيادة الاحتياطي والإنتاج الوطني من الغاز الطبيعي.
وفي هذا الإطار، أكد وزير النفط، رئيس شركة النفط الوطنية، إحسان عبدالجبار، أهمية الإسراع في عمليات الاستكشاف والتنقيب عن الغاز بالصحراء الغربية، لزيادة الاحتياطي والإنتاج الوطني من الغاز، التي تُعدّ في قائمة أولويات مشروعات الوزارة وخططها وأهدافها خلال المرحلة الراهنة.
استثمار الغاز في العراق
أشار وزير النفط العراقي -خلال ترؤسه اجتماعًا في شركة الاستكشافات النفطية، وجرى استعراض دراسة فنية خاصة بمشروع استكشاف الصحراء الغربية- إلى ضرورة استكمال الإجراءات الفنية والإدارية والتخصيصات المالية المطلوبة لإدراج مشروع تطوير 5 رقع ضمن موازنة عام 2022، لإهميتها في الاستثمار الأمثل للغاز وتلبية الاحتياجات المحلية.
وعرضت اللجنة المشكلة خلال الاجتماع دراسة تطوير الرقع الاستكشافية في الصحراء الغربية، وعددها 16 رقعة استكشافية تمثّل إضافة مهمة لزيادة الإنتاج الوطني.
وشدد عبدالجبار إسماعيل على ضرورة استثمار جميع الإمكانات والطاقات المحلية، بالتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة لتقليل التكلفة والمخاطر.
من جانبه، قال النائب الأول لشركة النفط الوطنية، حامد يونس، إن المشروع له أهمية كبيرة في تطوير القدرات العراقية في إنتاج الغاز، وله نتائج إيجابية في تنمية الاقتصاد الوطني، فضلًا عن توفير فرص عمل لأبناء المحافظة.
وكشف مدير عام الاستكشافات النفطية، باسم محمد خضير، عن عمليات تطوير الرقع الاستكشافية في الصحراء الغربية التي تتضمن حفر بئر استكشافية، بعد إجراء عمليات المسح الزلزالي وعملية معالجة وتفسير البيانات.
وأشار إلى أن مدة تنفيذ المسوحات للرقع الـ5 التي جرى تحديدها لبدء عمليات الاستكشاف هي 4 سنوات باستخدام فرقتين زلزاليتين مرحلة أولى، تليها مرحلة ثانية لاستكشاف 5 رقع أخرى، ومرحلة ثالثة لاستكشاف الرقع الـ6 المتبقية.
المناطق المستهدفة
ذكر خضير أن الدراسة الفنية التي قدّمتها اللجنة تضمنت تحديد 16 رقعة استكشافية في الصحراء الغربية التي تقع ضمن مساحات شاسعة.
وأضاف أن أسس المشروع حددت المباشرة بتطوير 5 مناطق أو رقع أغلبها حدودية، تستهدف فيها فعاليات المسح الزلزالي، وهي (العنز وجنوب الرطبة وعكاشات وطوبال والوليد).
وتأتي الدراسة انسجامًا مع سياسة وزارة وشركة النفط في اختيار الرقع ذات الأعماق القليلة لتقليل التكلفة والمخاطر، وأيضًا خلال العرض الفني بتحديد التوقعات والتحديات والاحتياجات لتنفيذ المشروع التي تندرج بالمسوحات الزلزالية وتنفيذ أعمال معالجة البيانات وتفسيرها الناتجة عن المسح وحفر آبار استكشافية.