صالح يعلن للعالم صدام واعوانه ليسوا فاسدين بل الفساد باتباع المرجعية ومؤتمر لندن

أتقدم إلى مجلس النواب الموقر بمشروع قانون “استرداد عوائد الفساد”، حيثُ يسعى مشروع القانون لتعزيز عمل الدولة العراقية لاستعادة أموال الفساد ومحاسبة المفسدين وتقديمهم للعدالة، ونأمل من مجلس النواب مناقشة المشروع وإغناءه، وإقراره للمساعدة في كبح جماح هذه الآفة الخطيرة التي حرمت أبناء شعبنا من التمتعِ بثروات بلدهم لسنوات طويلة.
إن مشروع القانون يتضمن إجراءات عملية استباقية رادعة، وخطوات لاحقة لاستعادة أموال الفساد، ليكون إلى جانب الجهد القائم من المنظومة القانونية والمؤسسات ذات العلاقة، خطوة في طريق مكافحة هذه الآفة الخطيرة، وتوفير الدعم للمؤسسات المالية والرقابية وتفعيل أدواتها في سبيل الحد من آثارها التي تُهدد حاضر البلد ومستقبله.
لقد واجه بلدنا خلال السنوات الماضية ظاهرة الفساد الخطيرة والمرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعنف والإرهاب، وبينما نجحنا في مواجهة الإرهاب عسكرياً بقوة وإرادة شعبنا وبتضحيات قواتنا بكافة تشكيلاتها، فان تحدي الفساد لا يقل خطورة، حيث يسعى لإدامة وضعه وتغذية العنف والانقسامات وتهديد السلم المجتمعي، والتأثير على الإرادة الحرة للعراقيين.
الفساد ظاهرة عابرة للحدود، خسر العراق بسببها أموالاً طائلة تُقدر بالمليارات، وتُخمن إحصاءات وبيانات حكومية ودولية أن مجموع واردات العراق المتأتية من النفط منذ ٢٠٠٣ يقارب ألف مليار دولار، وهناك معطيات ومؤشرات تُخمن أن ما لا يقل عن 150 مليار دولار من صفقات الفساد تم تهريبها إلى الخارج.
هذه الأموال المستباحة كانت كفيلة بان تضع البلد في حال أفضل. ولا يمكن التعامل معها في الإطار المحلي فقط، وفي هذا الصدد يسعى مشروع القانون لاسترداد هذه الأموال عبر إبرام اتفاقات مع البلدان، وتعزيز التعاون مع المنظمات والجهات الدولية المتخصصة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة لكبح هذه الظاهرة.
وهنا أكرر دعوتنا، والتي سبق أن تقدمنا بها إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لتشكيل تحالف دولي لمحاربة الفساد على غرار التحالف الدولي ضد داعش. حيثُ لا يمكن القضاء على الإرهاب إلا بتجفيف منابع تمويله المستندة على أموال الفساد بوصفها اقتصاداً سياسياً للعنف، إذ أن الفساد والإرهاب مترابطان متلازمان ومتخادمان، ويديم أحدهما الآخر.
الفساد عدو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يسرق قوت الناس وأرزاقهم، ويعطّلُ إرادة الشعب في التقدم والبناء، ويمنع فُرص التنمية والازدهار والتقدم، وبسببه خرجت جموع الشباب المتظاهرين مطالبين بوطن.. وطن يخلو من الفساد، ثرواته محمية ومسخّرة لخدمة الشعب ورفعة الوطن.
هذا يفرض علينا جميعا، مؤسسات رسمية وفعاليات اجتماعية ومدنية، وقفة جادة وحاسمة وحازمة لمواجهة هذه الآفة، وعدم التهاون في مواصلة طريق الإصلاح من أجل دولة قادرة ومقتدرة ذات سيادة، خادمة لمواطنيها.
إن تحقيق هذا الهدف النبيل هو أعظم تقدير لتضحيات الشهداء من أجل هذا البلد الكريم. العراقيون يستحقون الأفضل، وبذلوا التضحيات الجليلة من أجل الحياة الحرة الكريمة والمستقبل الواعد لجميع أبنائه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
تفاصيل مشروع قانون “استرداد عائدات الفساد”
يخضع لإجراءات هذا القانون جميع مسؤولي الدولة العراقية الذين تسنموا المناصب العليا الأكثر عرضة للفساد، ومنذ العام 2004 وحتى الان، من درجة مدير عام فما فوق، وتقوم الجهات المالية المختصة بإعداد قائمة موثّقة بشاغلي هذه المناصب خلال 17 سنة الماضية.
يهدف القانون لاسترداد الاموال التالية داخل العراق وخارجه، الاموال والعائدات الاجرامية في اية جريمة فساد، او ممتلكات تعادل قيمتها، والايرادات والمنافع المتأتية من عائدات جريمة فساد والممتلكات التي حولت اليها او بدلت بها او التي اختلطت معها.
تزود هيئة النزاهة البنك المركزي العراقي بقائمة شاغلي المناصب العليا وافراد اسرهم والاشخاص وثيقي الصلة بهم خلال ثلاثة اشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون، وتحديثها سنوياً، ويقوم البنك المركزي العراقي بأعمامها على المؤسسات المالية لإجراء التدقيقات عليها.
التقصّي والتحقيق عن أموال الفساد، يشمل أيضا افراد عوائل المسؤولين واصدقائهم والمقربين الذي تربطهم أي نوع من العلاقة سياسية او تجارية، الى جانب أصحاب النفوذ وهم الأشخاص الذين لهم تأثير في صنع القرارات داخل مرافق الدولة وأجهزتها.
على شاغلي المناصب العليا تقديم إقرار خطي خلال 60 يوما بتخويل هيئة النزاهة والمحاكم العراقية بطلب المعلومات من الدول التي يكون لهم فيها حسابات مصرفية، ويعد ذلك إقرار منهم برفع السرية عن ارصدتهم للجهات الرسمية العراقية والدول التي توجد فيها الحسابات المصرفية، وبخلافه بعد مرور 60 يوما يعد مستقيلا من وظيفته.
لهيئة النزاهة بناءا على توفر الأدلة وبالتنسيق مع جهاز المخابرات وديوان الرقابة المالية التحري عن التعاملات المالية والتحويلات والاملاك في داخل العراق وخارجه للمشمولين بهذا القانون للتقصي عن مصادرها وطبيعة تأثيرهم في صنع القرار داخل سلطات الدولة وأجهزتها وملاحقة أي جرائم فساد تظهر نتيجة التحريات.
تشكيل فرق تحقيق وتقصّي بين وزارة الخارجية وجهاز المخابرات وهيئة النزاهة والبنك المركزي العراقي وديوان الرقابة المالية وبالتعاون مع الدول للتحرّي عن الأموال المهربة الى الخارج والفاسدين، وجمع المعلومات والوثائق عن أموال العراقيين الموجودين في هذه الدول الذين شغلوا مناصب عليا في العراق.
تضع وزارة الخارجية وعبر الوزارات والهيئات ذات العلاقة خطة لإبرام اتفاقيات ثنائية مع الدول لاسترداد الاموال العراقية المهربة للخارج وعوائدها والفاسدين وتسليمهم الى السلطات العراقية.
التعاقد مع شركات تحقيق عالمية رصينة من اجل التحري عن اموال العراق المهربة للخارج وعوائدها.
تُشعر المؤسسات المالية، البنك المركزي العراقي، بقوائم يتم اعدادها بالمعاملات المالية والتي تزيد قيمتها عن 500 الف دولار امريكي لأجراء التحريات عنها.
تلتزم المؤسسات المالية العراقية وبأشراف البنك المركزي التحقق من الزبائن لتحديد هوية المالكين من الأموال المودعة في حسابات تزيد قيمتها على مليون دولار.
الغاء او فسخ أي عقد او إجازة استثمارية يتم ابرامها بناءا على رشوة او استغلال نفوذ، او اي فعل من افعال الفساد.
لتشجيع التبليغ عن الفساد، تُمنح مكافأة مالية تصل الى 5% من قيمة جريمة الفساد للمخبر الذي يُدلي بمعلومات عن جريمة التي تقود لاستعادة أموال الفساد.
عقوبات المدانين بجرائم الفساد تشمل المصادرة ونزع الملكية لكل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة، والمستندات والصكوك القانونية.
وفاة المتهم بالفساد او انقضاء فترة الدعوى القضائية، لا يمنع عدم مسئوليته عن الجريمة ولا يجوز العفو عنه، وتخضع ممتلكاته وامواله لعقوبات تهم الفساد.