كيف أنتعشت الليالي الرمضانية في تونس في ظل المصاعب الاقتصادية ؟
اهالي منطقة الحبيب بور قيبة احيوا اجواءآ رمضانية مميزة .

في مقالُنا هذا سنتعرف على الاجواء الرمضانية الممُيزة التي احيتها تونس في رمضان في ظل الازمة الاقتصادية التي عمت العالم بأكمله بعد قيام الحرب العالمية الثالثة
اذ و يعُد مهرجان “المدينة” في تونس، الذي يحتضن عروضه مسرح العاصمة، أعرق تظاهرة فنية تميّز النصف الثاني من ليالي شهر رمضان لعقود فترتاده الجماهير، بحثا عن موسيقى تونسية أصيلة أو عروض طربية وسهرات للموسيقى التراثية وعروض للمسرح، و”الفداوي “أي عروض الحكواتي وغيرها.
تأتي تلك الخطوة بعد عامين من الانقطاع بسبب وباء كورونا، دبت الحياة من جديد في ليالي رمضان بتونس، من السهرات الرمضانية إلى مهرجانات الأغاني إلى المسابقات الدينية، رغم المصاعب الاقتصادية التي تواجه البلاد.
عروض لا تفوّت
في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة التونسية، وأمام المسرح البلدي التقينا الشابة أماني، التي حدثتنا بأنها قدمت إلى المسرح رفقة أصدقائها لمتابعة عرض موسيقى المالوف التونسية.
وقالت اننا حرصنا كل الحرص على حجز تذاكر الحفل منذ أسابيع حتى لا أفوّت العرض الذي كان رائعا، كما عرفناه في السنوات الماضية، فعرض المالوف تقليد سنوي جميل أحرص ألا أفوّته، وأحسست أن العازفين والفنانين قدموا أفضل ما عندهم خلال العرض فالجميع مشتاق لهذه الأجواء الفنانون كما الجمهور”.
وتتوزع العروض الفنية والفرجوية الرمضانية بين المسرح وقاعة الأوبرا بالعاصمة والفضاءات الثقافية بالمدينة العتيقة على غرار “النادي الثقافي الطاهر الحداد”، و”فضاء بئر الأحجار”، و”دار الأصرم”، و”دار ابن عاشور”، وجميعها تزينت بأفضل زينة تقليدية ما أضفى رونقا خاصا على أجواء العروض الرمضانية.
حتى السحور
وبالتوازي مع الأجواء الفنية، عرفت الشوارع التونسية حركية تجارية وترفيهية، واكتظت المقاهي والمطاعم بروادها إلى موعد السحور.
ويقول محمد (53 عاما) إن شهر رمضان هذا العام “استعاد طابعه الخاص المتميز بالحركة الاقتصادية نهارا في الأسواق والمراكز التجارية، وليلا بين السهرات العائلية والترفيهية، وذلك بعد ضيق عشناه العامين الماضيين وفقدنا معه الطعم الخاص بشهر الصيام”.
وأضاف: “سعدت بعودة اجتماع أصدقائي حول الطاولة في مقهى الحي للعب الورق والحديث في كل أخبار البلاد، فقد عادت حياتنا لطبيعتها كما أن عدة مهن انتعشت بعد ركود وضيق اقتصادي شديد”.

رمضان عاد كما كان
أما سليم (30 عاما)، فقال إن “انتفاء الضغوط النفسية بحكم انتشار الفيروس أعاد رمضان كما عهدناه. اشتقنا لهذه السهرات التي تطول إلى ساعات الفجر صحبة الأصدقاء في المقهى مباشرة بعد الإفطار”.
وأعربت رانية (40 عاما) عن سعادتها بعودة الأجواء الخاصة بشهر رمضان، وقالت: “لم نشعر في السنتين الماضيتين بخصوصية رمضان، كنا ملتزمين بعدم مغادرة البيوت ليلا ونهارا”.
وتابعت: “ولكن الحمد لله استعدنا كل عاداتنا، لقد عدت للتجول بأزقة المدينة العتيقة وشراء الحلويات التونسية والتقاط الصور التذكارية مع صديقاتي والبحث في كل المحلات عن أحسن لباس للعيد”.
المسابقات والاحتفالات الدينية
ويتوافد المصلون كل ليلة إثر الإفطار إلى الجوامع التي فتحت أبوابها لإقامة صلاة التراويح، وتقديم الدروس الرمضانية.
وعبّر العم عمر (69 عاما) عن فرحته “بعودة مختلف الأنشطة الدينية في شهر رمضان خاصة صلاة التراويح التي يحرص على أدائها كل ليلة في جامع الحي، حتى أنه يخرج من داره مسرعا مباشرة إثر الإفطار ليتمكن من حجز مكان له في المسجد الذي يكتظ بالمصلين”.

وتميز شهر رمضان لهذا العام بتنظيم مسابقة وطنية لحفظ القرآن الكريم وتكريم الفائزين، وتوزيع مصاحف مكتوبة بطريقة بريل للمكفوفين، التي تطبع للمرة الأولى في تونس.
وفي القيروان، انتظم احتفال بمناسبة ليلة 17 من رمضان بجامع عقبة بن نافع، وهي مناسبة دينية سنوية غابت في السنتين الماضيتين بسبب القيود المفروضة جراء انتشار الوباء.

وتستعد المدينة لاستقبال آلاف الزوار من كل أنحاء البلاد بمناسبة ليلة 27 من رمضان ليلة القدر، وقد أعدت السلطات الجهوية برمجة ثرية وتزينت المساجد والساحات والمحال استعدادا للموعد السنوي القار بعد حجبه لسنتين.
من جانب آخر، تنافست المحال التجارية في عرض بضائعها استعدادا لعيد الفطر .
وتبدو الحركة التجارية هذا العام أكثر نشاطا فرغم الظروف الاقتصادية الصعبة، يحرص التونسيون على شراء ما يلزم للاحتفال بالعيد، وهي مناسبة للتجار لعرض السلع المختلفة الجودة والأسعار.
وتقول مريم (45 عاما): “الخيارات متوفرة والسلع مكدسة، ولكن الأسعار لا تبدو في متناول الطبقة المتوسطة، ما زالت أحتاج لجولات أخرى بين المتاجر حتى أجد ما أبحث عنه من بضائع بسعر يناسبني”
إجراءات استثنائية لمواجهة كوفيد-19 الاستثنائية في تونس
“الوضع الوبائي في تونس كان في اصعب ذروته بعد تفشي فيروس كورونا و”موجة تسونامي كورونا تضرب تونس”، هذه هي تعبيرات، أطلقها أحد أعضاء اللجنة العلمية لمواجهة الوباء في تونس، في معرض وصفه لحالة تفشي الوباء حاليا في البلاد،والتي تجمع عدة مصادر علمية على أنها كارثية، بكل معنى الكلمة، في ظل ارتفاع كبير للإصابات والوفيات، واقتراب أقسام الإنعاش في أنحاء البلاد من الامتلاء، ضمن موجة تفش جديدة بدأت هذه المرة من ولاية القيروان.
موجة رهيبة ورقم قياسي
يقول عضو اللجنة العلمية لمواجهة كورونا، الدكتور أمان الله المسعدي، في تصريحات لوكالة رويترز:”إنها موجة رهيبة، فعدد التحاليل الإيجابية مرتفع للغاية، وعدد الوفيات يتجاوز أحيانا مئة حالة يوميا، واقسام الانعاش اقتربت من الامتلاء”.، في حين دعت اللجنة العلمية، الحكومة إلى تشديد الإجراءات، في مواجهة الوضع المتردي ومن بين تلك الإجراءات، زيادة ساعات حظر التجول الليلي، وفرض إغلاق شامل في بعض الولايات، التي تشهد انتشارا أسرع للوباء.
ويوم السبت 26 حزيران/يونيو، الماضي أعلنت وزارة الصحة التونسية، أنها سجلت أعلى رقم قياسي يومي، لعدد الإصابات بالفيروس، منذ تفشي الجائحة في البلاد في آذار/مارس 2020 ، وقالت الوزارة إنها سجلت أربعة آلاف حالة إصابة جديدة، في غضون اربع وعشرين ساعة، في حين سجلت تسعين حالة وفاة جديدة، في نفس الوقت، ليزيد بذلك عد الضحايا من وفيات كوفيد-19 في تونس عن 14 ألف وفاة حينها .
السياسيون في نزاع
ويأتي تفاقم أزمة تفشي كورونا في تونس، والوضع الكارثي الذي وصلت إليه، وفقا لوصف عدة أطراف في هذا البلد، في وقت تواجه فيه البلاد، حالة من التجاذبات الشديدة، بين أطراف العملية السياسية ، في ظل صراع بين الرئيس من جانب، والحكومة والبرلمان من جانب آخر، بينما يطالب ناشطون سياسيون، بتنحية الخلافات السياسية جانبا في هذه المرحلة، والتركيز على إنقاذ البلاد من براثن كوفيد-19 وتداعياته الإقتصادية أولا.
وكثيرا ما أشار نشطاء تونسيون، إلى حالة التردي التي تعاني منها البنية التحتية، لقطاع الصحة في تونس، وكذلك عن عدم أخذ السلطة قضية توفير اللقاحات للناس، على محمل الجد منذ تفشي الوباء العام الماضي، إذ تشير التقديرات إلى أن أقل من نصف مليون تونسي فقط، قد تلقوا جرعتين من اللقاح المضاد لكورونا حتى الآن، في بلد يصل عدد سكانه إلى 12 مليون نسمة.
أخترنا لكُم : عدد وفيات كورونا يتخطى الـ8000 في تونس