كيف استعادت كنيسة مار توما في الموصل رونقُها بعد طرد داعش الارهابي منها ؟
وكيف أحتفل الموصليون بعودتها للحياة من جديد ؟
في مقالنا هذا سنتعرف عن اصل وتاريخ كنيسة مارتوما في مدينة الموصل لذا قد احتفل عشرات المصلين، السبت، في الموصل، بأول قداس في كنيسة “مار توما” التي أعيد ترميمها بعد تعرضها للتخريب على يد تنظيم “داعش” الإرهابي، وتضررها خلال معارك تحرير المدينة الكبرى الواقعة في شمال العراق
مسيحيو الموصل .
مسيحيون مار توما هم مجتمع وعرقية دينية مسيحية قديمة تقطن في ولاية كيرالا في الهند. يعود أصولها إلى البعثات التبشيريّة التي قام بها توما. وبالتالي تعتبر من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم. يٌعتبر مسيحيون مار توما من أتباع عائلة الكنائس ذات التراث السرياني. وترتبط هذه الجماعة تقليديًا ببعض التراث اليهودي المسيحي الذي يعود إلى المسيحية المبكرة.
ينقسم مجتمع مسيحيي مار توما بين أربعة عائلات رئيسية من الطوائف المسيحية وهي النسطورية: والتي تضم كنيسة الملكنار، والكنيسة الكلدانية السريانية؛ والأرثوذكسية المشرقية: والتي تضم الكنيسة المسيحية السريانية اليعقوبية، وكنيسة الملكنار الأرثوذكسية السريانية؛ والكاثوليكية: والتي تضم كنيسة السريان الملبار الكاثوليك، وكنيسة السريان الملكنار الكاثوليك؛ والبروتستانتية: والتي تضم كنيسة السريان الملبار المستقلة، وكنيسة مار توما للسريان الملكنار وكنيسة القديس توما الإنجيلية.
وفقًا لتعداد السكاني الهندي لعام 2011 حوالي 18% من سكان كيرلا هم من المسيحيين، وحوالي 12% من سكان كيرلا أو حوالي 4 ملايين نسمة هم من مسيحيي مار توما، في حين أن النسبة الباقية (6%) هي لمسيحيين من مجموعات عرقيّة أخرى والغالبية منهم من أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. هاجر العديد من أبناء مجتمع مسيحيي مار توما إلى مدن أخرى في الهند. نشط المغترب المسيحي في فترة ما بعد استقلال الهند، وكانت الوجهات الرئيسية الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأوروبا الغربية، وأستراليا والشرق الأوسط. وفقًا لتقدير تقريبي، بين 20-25% من مسيحيين مار توما يعيشون خارج ولاية كيرالا.
ينطق مسيحيي مار توما في الحياة اليوميَّة باللغة الماليالامية، في حين يستخدم مسيحيي مار توما اللغة السريانية كلغة ليتورجية بشكل يومي في القداس الإلهي وعدد من العبادات الأخرى. وتكتسب اللغة السريانية أهمية دينية خاصة في المسيحية، أولاً لأن يسوع المسيح قد تكلّم بالآرامية، التي تعتبر بمثابة اللغة الأم للسريانية، وثانيًا لأن العديد من كتابات آباء الكنيسة والتراث المسيحي قد حفظ بالسريانية، إلى جانب اللغة اليونانية.
هذا وفي سبتمبر الماضي، وفيما كانت كنيسة مار توما للسريان الكاثوليك التي تعود للقرن التاسع عشر، ما تزال تخضع لأعمال الترميم، تم تركيب جرس لها وزنه 285 كيلوغراما، صُنع في لبنان ونقل إلى المدينة عبر طائرة، بفضل تبرعات من منظمة “التآخي في العراق” غير الحكومية الفرنسية.
وبرفقة آلة الأورغن، صدحت أصوات المصلين، السبت، في الكنيسة التي اكتظت بهم، وفقا وكالة فرانس برس.
واستعاد مذبح الكنيسة المبني بالرخام الأبيض والرمادي، رونقه السابق، بأعمدته وأقواسه المزخرفة، أما النوافذ الدائرية الصغيرة، فقد زُينت بزجاج ملون جديد. وفيما دق جرس الكنيسة، انطلقت “الزغاريد” تعبيرا عن الفرح.
وفي هذه المناسبة، قال الأب بيوس عفاص، البالغ من العمر 82 عاما: “هذه أجمل كنيسة في العراق. الإعمار كان جذريا إلى حد كبير، حيث أسهم بإعادة الكنيسة كما خرجت على يد بنائيها قبل 160 عاما”.
وفي باحة الكنيسة، ما تزال الطوابق العليا للمباني المجاورة تنتظر الترميم وتغيير النوافذ المحطمة.
وخلال سيطرة داعش على الكنيسة، يعتقد أن عناصر التنظيم المتشددين حولوها إلى سجن أو محكمة. وخلال تلك الفترة نُهبت صلبانها وكل الرموز الدينية الأخرى، فيما اخترقت قذيفة هاون أحد أقبية المبنى.
وقالت منظمة “التآخي في العراق”، في فبراير، إنه “كان لا بد من إزالة الرخام الذي تعرض للحرق وصقله وتجديده، وحفر الأرض لتدعيم الإسمنت، ووضع الرخام المنظّف، وإكماله بقطع رخام جديدة”.
هذا وقد شكّلت الموصل ومنطقة سهل نينوى تاريخيا، مقرا مهما للمسيحيين، وهي تكافح حتى اليوم لاستعادة حياتها الطبيعية بعد دحر داعش على يد الجيش العراقي وبدعم من التحالف الدولي.
ويجري ترميم الأديرة والكنائس في المنطقة، لكن ببطء، فيما لم يعد بعد عشرات الآلاف من المسيحيين الذين فروا بعد سيطرة التنظيم عام 2014.
كما أُرغم العديد من مسيحيي العراق على الهجرة، بفعل الحروب والنزاعات وتردي الأوضاع المعيشية. ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي بين سكانه البالغ عددهم 40 مليونا، بعدما كان عددهم 1,5 مليون عام 2003 قبل الغزو الأميركي.
وفي هذا الصدد، اعتبرت سنا عبد الكريم، وهي موظفة تبلغ من العمر 50 عاما وتعيش في دهوك بإقليم كردستان، أن “هذا الإعمار تشجيع للمسيحيين على العودة”.
واستطردت: “نحن أصلاء في هذه المنطقة، هذه منطقتنا، هنا آباؤنا وأجدادنا ونحن نريد أن نعيش في هذه المنطقة”.
كيف نبيت الكنيسة ؟ .
لا يعرف بالضبط تاريخ بناء هذه الكنيسة غير أن التقليد ينسبها إلى مار توما الرسول الذي من المفترض أنه زار نينوى في القرن الأول الميلادي. وهناك رواية تفيد بأنها كانت منزلا لأحد المجوسيين وأنها تحولت إلى كنيسة بعد إيمانه بالمسيحية بعد أن حل توما ضيفا عليه. ومن المؤكد أنها كانت عامرة في القرن السادس كما ورد ذكرها في زمن الخليفة المهدي الذي استمع على شكوى بخصوصها.
وصف الكنيسة ؟ .
تنخفض الكنيسة بحوالي ثلاث أمتار عن مستوى الأرض. ويبلغ طولها 23 متر وعرضها 26. وهي في الحقيقة كنيستان متلاصقتان حيث تنخفض أقدمهما عن الأحدث فردمت لتصبح بنفس المستوى. كما تم ربطهما لكي تبدوان كبناء واحد. ويقع المذبح الرئيسي والمزبحان الجانبيان في الجانب الأحدث من الكنيسة، وتحتوى الكنيسة القديمة على مذبح صغير مزين برسوم نافرة للرسل يعتقد أنها تعود للقرن الثالث عشر.
وقد رممت الكنيسة في فترات متفاوتة وأقدم تجديد معروف لها كان عام 1744. كما تم تجديدها للمرة الأخيرة سنة 1964.
وتعتبر الكنيسة ذات أهمية خاصة في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية حيث تحوي على رفعت العديد من بطاركتها الذين اتخذوا من الموصل مقرا لهن في بعض فترات القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. كما تحتوي وفقا للتقليد على ذخائر مار توما.
المملكة المُتحدة مطالبة باعادة الأعمدة الرومانية القديمة إلى ليبيا