
يصادف عيد الأم 21 مارس، اذار من كل عام عيد الام اذ وحُرم معظم الأبناء من متعة شراء الهدايا والورود احتفاء بهذه المناسبة السنوية.
هذا وقد سرق الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار في لبنان فرحة العائلات بعيد الأم، بعدما وصلت العملة الخضراء مساء الإثنين الماضي إلى 120 ألف ليرة.
واستبدلت باقات الورود بالاكتفاء بصور لها أرسلت للأمهات اللبنانيات على صفحات التواصل الاجتماعي أو عبر تطبيق “واتساب”.
فكيف يمضي اللبنانيون عيد الأمهات والدولار في ارتفاع مجنون يرافقه فلتان غير مسبوق في الأسعار؟ .
منذ الصباح الباكر بدأت منصان التواصل تغص بالرواد الذين ينشرون صور أمهاتهم مع الاعتذار لهن للاكتفاء بـ”ورود فيسبوك”.
وكتبت الطالبة جوليا: “أمي لا قدرة لدي على تقديم هدية. سامحيني”، وعبر آخرون بالقول: “حتى الوردة لم أستطع شراءها لأهديها لك، سأكتفي بورود فيسبوك كما فعل رفاقي”.
في حين ناقش شبان لبنانيون على مواقع التواصل الاجتماعي العيد هذه السنة بنكتة وبضحكة مستخدمين عبارة الأم الشهيرة: “لا أريد شيئا ولا هدايا أريد فقط سعادتكم”.
كبف بدأت القصة ؟ .
عند محل لبيع الورود، يقف شاب عشريني لدقائق يسأل عن سعر كل نوع، محاولا التفاوض مع صاحب المحل لتخفيض السعر ويقول: “في جيبي 150 ألف ليرة (حوالي دولار وربع الدولار) لا تشتري لي شيئا، أرجوك أريد باقة صغيرة أقدمها لوالدتي لأرسم الفرحة على وجهها”.
وتقول سناء العاملة في محل أزهار بشارع الاستقلال في بيروت لموقع “للأسف الشديد نشعر بالغصة ونحن نجيب على سؤال الزبائن: كم سعر الوردة الواحدة ؟ يحزنني كيف يقف الناس أمام واجهة الورود ليسألوا عن أسعارها ثم ينصرفون بسرعة فلا قدرة لديهم على شرائها”.
تضيف سناء: “حتى الوردة لم تتمكن إحدى الشابات من شرائها. الوضع مؤلم وأنا أم وأعرف شعور الأولاد لكن متاجر الورد ليست مسؤولة عن ارتفاع الأسعار، وإنما الجهة المستوردة للورود”.
وتتابع: “وصل سعر الوردة الواحدة إلى 300 ألف ليرة، بينما كانت قبل الأزمة بـ5 آلاف ليرة. حتى اللحظة ونحن في نهاية يوم العمل عشية عيد الأم لم أتمكن من بيع سوى باقة زهور واحدة”.
الباقة بمليوني ليرة.. وقالب حلوى براتب شهر
وعن سعر باقة الزهور تقول سناء: “وصلت إلى 15 دولار أي ما يقارب مليوني ليرة لبنانية”.
ومن جهة أخرى، يقول أحد العاملين في متجر لبيع قوالب الحلوى في بيروت، إن سعر أصغر قالب حلوى وصل 3 ملايين ليرة.
ويضيف اخرون اننا “نحاول إقناع الزبون أن الأمر خارج عن إرادتنا لأنه يرتبط بأسعار المواد الأولية التي تدخل في صنع الحلوى”.
ويقول صاحب المتجر: “هذه السنة نشعر بالإحباط والعجز. نعلم أن أسعارنا مرتفعة والقدرة الشرائية شبه معدومة، لكننا نشتري المواد الأولية بالدولار ووفق سعر السوق السوداء، ومع ذلك نبيعها بأسعار مخفضة من دون تسجيل أرباح عالية وإلا كانت الأسعار ستحلق عاليا”.
وفي جولة على عدد من المحال التجارية في شارع الحمرا في بيروت، لوحظ ولأول مرة بهذه المناسبة إقفال العديد من المتاجر أبوابها لأنها عجزت عن تسعير بضائعها بالأسعار المعقولة، التي تبقى في متناول المستهلك وخوفا من كساد السلع وتكدسها في المستودعات.
وأكدت صاحبة متجر للعطور، أنها كانت في مثل هذا اليوم تبيع أكثر من 200 زجاجة عطر مع هدايا مجانية تمنحها للأم مع كل عملية شراء، مثل كريم للوجه وبعض مستحضرات التجميل.
لكنها اليوم “باعت فقط زجاجتي عطر، ومن دون أي عرض مواكب”.
الليرة اللبنانية تحت رحمة المضاربين .
في الساعات الأخيرة قد سجلت الليرة اللبنانية انهياراً جديداً أمام الدولار الأميركي، لتلامس مستوى 96 الف ليرة للدولار الواحد في السوق السوداء، وذلك بعدما شهدت البلاد العديد من القرارات والمواقف التي عززت هذا المسار.
هذا وقد أعلنت جمعية مصارف لبنان العودة إلى الاضراب المفتوح اعتباراً من صباح الثلاثاء 14 مارس، فيما أعلن المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان، أن قاضية فرنسية ستصل إلى البلاد في الساعات القليلة المقبلة، لاستجواب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في الاتهام الموجه ضده بجرائم الاختلاس وتبييض الأموال والتزوير والإثراء غير المشروع.
ويأتي قرار عودة المصارف اللبنانية الى إضرابها المفتوح، بعد إصدار أحد القضاة في بيروت قراراً يقضي بأن يدفع بنك “ميد” مبلغ 210 آلاف دولار نقداً، لأحد مودعيه، تحت طائلة ختم المصرف بالشمع الأحمر، وهو القرار الذي رأت فيه جمعية مصارف لبنان أنه تعسفي.
ويقول الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف، في حديث خاص ، إن عودة المصارف للإضراب سببه الأساسي “ازدواجية المعايير”، وبعض الخلل بتصرفات السلطة القضائية، حيث لا يمكن إلزام المصارف بقبول تسديد المقترضين لأقساطهم الدولارية، عبر شيك مصرفي أو بالليرة اللبنانية، حسب سعر صرف 1500 ليرة للدولار الواحد، في حين يتم إلزام المصارف من خلال أحكام قضائية، بتسديد الودائع للزبائن بالعملة الأجنبية نقداً.
وأشار إلى أن الوعود التي أُعطيت بتصحيح الوضع، والتي دفعت المصارف إلى تعليق إضرابها السابق، تبين أنها لم تؤخذ بعين الاعتبار، مع صدور قرارات قضائية جديدة تثبت عكس ذلك.
المصارف تحت القانون
وشدد خلف على أن المصارف اللبنانية تحت القانون، وهي تأمل تصحيح الخلل الحاصل لناحية “ازدواجية المعايير”، مشيرا إلى أنه في حال لم يتم التجاوب مع هذا المطلب، سيبنى على الشيء مقتضاه في حينه.
من جهتها تقول الصحفية المختصة بالشأن الاقتصادي سابين عويس في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء، بات متفلت من أي ضوابط وخارج عن السيطرة، ولا يمكن وضع سقف له، مشيرة الى أن أكبر دليل على ذلك، هو ما حصل اليوم مع تسجيل العملة اللبنانية هبوطاً دراماتيكياً لمستوى يفوق الـ 96 ألف ليرة للدولار الواحد.
وترى عويس أن انهيار الليرة اللبنانية، ناتج في جزء أساسي منه عن قرار سياسي، يقضي باستغلال أي مناسبة للضغط على العملة عبر عمليات المضاربة في السوق السوداء وتهريب الدولارات للخارج، وبالتالي فإن سعر العملة اللبنانية بات غير مبني على عوامل علمية، مشيرة إلى أن تأثر سعر الصرف سلباً بقرار إغلاق المصارف سيكون طفيفاً، بسبب توقف عمليات بيع الدولار للمواطنين في المصارف عبر منصة “صيرفة” التابعة لمصرف لبنان.
منصة البنك المركزي تتبع السوق السوداء
وأكدت عويس أنه في حال تراجعت المصارف اللبنانية عن إضرابها، وعادت منصة “صيرفة” للعمل، فإن ذلك لن يؤثر إيجاباً على اتجاه العملة اللبنانية، وهو أمر حصل في السابق حيث تبين أن المنصة باتت تتبع السعر في السوق السوداء، وذلك مع عدم قدرة إجراءات مصرف لبنان على إحداث أي تدخل فاعل في السوق سوى لساعات معدودة، مجددة تأكيدها على أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية أصبح بلا سقف، وأن التراجع الذي سجلته العملة اللبنانية في الساعات الأخيرة لن يكون الأخير.
وختمت عويس حديثها بالإشارة الى أنه بات واضحاً أن المسار القضائي سلك طريقه بالنسبة لحاكم مصرف لبنان، حيث لن يتم التجديد له عند انتهاء ولايته في الصيف المقبل.
ارتفاع العملات وهبوطها.. فرصة تتكرر دائما.
حلول ترقيعية وانقسام سياسي .
من جهة أخرى يقول مصدر مقرّب من مصرف لبنان في حديث على منصات التواصل الاجتماعي إن الانهيار الأخير للعملة اللبنانية يأتي نتيجة استغلال المضاربين في السوق السوداء، لأي حدث سلبي على الساحة، كإقفال المصارف لأبوابها، وكل ما هو جديد في مسار الدعاوى ضد حاكم مصرف لبنان.
ويضيف المصدر أن الذي يحصل اليوم في القطاع المصرفي اللبناني، هو جزء لا يتجزأ من الذي يحدث في البلد ككل، وبالتالي فإن الأزمة التي اندلعت في 17 أكتوبر 2019، لم تكن لها معالجات حقيقية حتى الساعة، مشيراً إلى أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي، لم تصل الى نتيجة وبالتالي لم يتم التوصل الى حلول جذرية، بل بالعكس تم الاعتماد على معالجات ترقيعية للوضع، وذلك نتيجة الانقسام الحاد بالطبقة السياسية، الذي يؤدي إلى عدم إجماع على حل واحد.
وشدد المصدر على أن كل يوم يمر على لبنان وهو بهذه الحال، يسهم في جعل الأزمة أكبر وأكبر، فاستمرار الوضع المصرفي في البلاد على هذه الحال، سيزيد الأمور سوءاً، حيث ينعكس هذا الأمر سلباً على المودعين الذي يعتبرون أكبر المتضررين، مشيرا إلى أن الحل للأزمة يبدأ من السياسية، وهو غير متوفر حالياً، حيث أن ما يحصل بين القضاء والمصارف، هو جزء فقط من الأحداث، فلبنان بحاجة إلى انتظام العمل السياسي، كي يعود الوضع العام في البلاد إلى طبيعته.
الغذاء المغشوش في المغرب يغزو الاسواق