“هيومن رايتس ووتش” تتساءل: متى سيبدأ العراق في حماية الصحفيين
أحرق محتجون مقر قناة تلفزيونية معروفة في بغداد بعد أن بثت حفلا موسيقيا في يوم عاشوراء المقدس عند الشيعة. تعرضت مكاتب قناة “دجلة” التلفزيونية المرتبطة بجمال الكربولي، سياسي من الأنبار، لأضرار بالغة خلال الحادث الذي وقع في 31 أغسطس/آب. لكن كيف استجاب المسؤولون العراقيون منذ ذلك الحين لهذا العمل الخطير؟ لم يُحققوا مع من أضرموا النار، بل أصدروا مذكرة توقيف بحق الكربولي، بدعوى أن البث أساء إلى شعائر إحدى الطوائف الدينية بموجب المادة 372 من قانون العقوبات العراقي.
في غضون ذلك، قال ثلاثة من موظفي قناة دجلة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تلقوا تهديدات عديدة عبر مكالمات هاتفية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأن رجالا مسلحين أتوا بحثا عنهم. أجبرتهم هذه التهديدات الآن جميعا على الاستقالة من وظائفهم، من خلال منشورات علنية على “فيسبوك”. لكن حتى هذا لم يكن كافيا لوقف التهديدات، فقد فر الثلاثة الآن من منازلهم.
قال أحد الموظفين إنه بعد أن طلب محافظ الديوانية من الدوائر الحكومية “عدم التعامل مع قناة دجلة”، لم يعد بإمكانه الاعتماد على قوات الأمن المحلية للحفاظ على سلامته. في محافظة واسط، حيث يقيم موظف آخر، دعا المحافظ قوات الأمن إلى منع أي شخص يحمل شارة قناة دجلة من تغطية ما يحدث في المحافظة. بحسب تقارير، توارى ما مجموعه ستة من زملائه من قناة دجلة عن الأنظار. مخاوف الصحفيين على سلامتهم لها ما يبررها- فقد قُتل أربعة مراسلين في العراق منذ بداية 2020، وفقا لـ “مراسلون بلا حدود”.
في وقت سابق من هذا الشهر، بعد عدة أسابيع من إصدار هيومن رايتس ووتش لتقرير عن عدد الملاحقات المتزايد ضد الصحفيين بموجب قوانين التشهير والتحريض في البلاد، ردت السفارة العراقية في بيروت أخيرا، قائلة إن الحكومة شكلت لجنة وزارية “للنظر في قضايا الاعتداءات على الصحفيين” في 2016. قالت السفارة إن اللجنة لا تزال تعمل، لكنها لم تقدم أدلة على أي تقارير أو نتائج أخرى من قبل اللجنة.
على مدى السنوات القليلة الماضية، قابلت هيومن رايتس ووتش أكثر من عشرة صحفيين كانوا ضحايا اعتداءات عنيفة، بما في ذلك من قبل القوات الحكومية، ولم يعرف أحد منهم بوجود هذه اللجنة أو تم التواصل معه من قبلها. إذا كانت موجودة، من الواضح أنها لا تأخذ وظيفتها على محمل الجد. بعد إحراق محطة تلفزيونية علنا، ما الذي ينبغي أن يحدث أكثر من ذلك كي تتعامل السلطات العراقية مع هذه الاعتداءات بجدية؟