فنون

العراق يقرأ

الكاتب وليد الزبيدي يُثير الجدل حول المهرجان الثقافي العراقي

 

ليس لديَّ معرفة بالقائمين على المهرجان الثقافي الكبير بعنوانه اللافت “العراق يقرأ” في دورته التاسعة وشمل سبع محافظات في العراق، واقيم ببغداد في شارع أبي نؤاس على ضفاف نهر دجلة، ونقلت الفضائيات العربية والعالمية مشاهد تظهر مئات العراقيين في أروقة مهرجان القراءة، لكن هذه المبادرة المتميزة تستدعي التوقف عندها والإشادة بجهود القائمين عليها لأسباب عدة، من بينها أن جهودهم في جمع سبعين ألف كتاب في مختلف ميادين المعرفة ليست بالمهمة البسيطة.

أذ يتطلب ذلك جهودا مضنية وعملا دؤوبا ربما اقتضى عدة أشهر من الاتصالات والجولات والتواصل مع الآخرين من أصحاب المكتبات الخاصة، وفي حال اضطروا لشراء كميات من هذه الكتب .

فإن ذلك يتطلب أموالا ليست بالقليلة، ولم يتم بيع هذه الكتب بل تم تقديمها مجانا، وهذا أمر في غاية الأهمية. فقد شهد عالم الكتب الورقية عزوفا لعدة أسباب، أهمها ارتفاع أسعارها ضمن موجة الغلاء التي تبدأ من أسعار الورق، ثم كلفة الطباعة وحتى الشحن والتوزيع، والتوجُّه العام لدى الجيل الجديد للمطالعة من خلال أجهزة الهاتف المحمول والأجهزة اللوحية واستخدام جهاز الكندل المحمول الذي أنتجته شركة أمازون الأميركية ويمكن تخزين مئات الكتب الإلكترونية بداخله وحمله أينما يذهب المرء، كما يعطي هذا النشاط تصورا مغايرا لما يتردد في الكثير من المناسبات عن تراجع كبير في اهتمامات الناس بصورة عامة بالكتاب الورقي لصالح الكتب الإلكترونية، بسبب توافرها على نطاق واسع في شبكة الإنترنت وسهولة الوصول إليها وتحميلها على أجهزة الهاتف والأجهزة اللوحية، وقبل ذلك أن الحصول على الغالبية العظمى منها يكون مجانا.

لم يقتصر الأمر على توزيع سبعين ألف كتاب على زوار المهرجان مجانا، بل حصلت نشاطات ثقافية وأدبية عديدة، وواضح أنه مربد آخر وسوق للثقافة والمعرفة، قراءات شعرية وتعريف بإصدارات جديدة وحلقات نقاشية وحوارات بين الأجيال وتعريف بالموروث الثقافي والمعرفي.

إن إنعاش هذه البيئة وسط تراجع كبير في اهتمامات الناس بالثقافة والمعرفة، يعطي زخما كبيرا للمشتغلين في حقل الإبداع والمعرفة، ويسهم في دفعهم لبذل الجهود لتعزيز العطاء في حقول الكتابة والتأليف.

بدون شك، سيضع القائمون على مشروع “العراق يقرأ” الذي لفت الانتباه بقوة للحقل الثقافي وجذب الانتباه لعالم الكتاب بعد تراجعه خططا جديدة، وسيواصلون الجهود ويزيدون مثابرتهم لتعزيز هذا النشاط المهم، وسيلتحق بهم العديد من المتطوعين لرفد المشروع والتوسع به، وإعادة الثقة بالقراءة والتأكيد من جديد ما قيل سابقا من أن مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ. وفي العراق الجميع يكتب وفي كل البلدان .

وليد الزبيدي

كاتب عراقي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى