اخبار العرب والعالم

حملة تضامُن مع طالب مغربي محكوم عليه بالاعدام في دونيتسك

وهو يمثل أمام القضاء ليواجه المصير القادم .

بجسد منهك ووجه شاحب وعينين غائرتين وتائهتين، شاهد العالم الشاب المغربي إبراهيم سعدون وهو يمثل أمام القضاء ليواجه مصيره القادم

تاتي تلك الخطوة بعد أن غادر المغرب طلبا للعلم في أوكرانيا لتجرفه بعدها دوامة الحرب الدائرة وينتهي به المطاف أسيرا في قبضة ” جمهورية دونيتسك الشعبية” التي تدعمها روسيا، حيث بات يواجه حكما بالإعدام بتهمة المشاركة في القتال ضمن صفوف “المرتزقة” في القوات الأوكرانية.

 وفور صدور حكم الإعدام، عبر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، عن تضامنهم الكبير مع الشاب المعتقل في إقليم دونيتسك، مطالبين السلطات المغربية بالتدخل العاجل من أجل إنقاذه.

وشارك عدد من المغاربة على مختلف منصات التواصل خلال الساعات الأخيرة وسوم عدة من بينها #seveIbrahim مرفقة بصور ومقاطع فيديو يظهر فيها الشاب لحظة النطق بالحكم بالإعدام.

وكانت محكمة تابعة للسلطات الانفصالية الموالية لروسيا في إقليم دونيتسك شرق أوكرانيا قد قضت بإعدام الشاب المغربي إلى جانب مواطنين بريطانيين تم أسرهما أيضا أثناء قتالهما إلى جانب القوات الأوكرانية.

وقالت وكالات الأنباء الروسية “تاس” إن ” المحكمة العليا للجمهورية دونيستك الشعبية حكمت بالإعدام على البريطانيين أيدن أسلين وشون بير والمغربي إبراهيم سعدون، لاتهامهم بالمشاركة في القتال كمرتزقة”.

وقد أكد الطاهر سعدون والد الشاب المغربي في تصريح صحفي، أن ابنه الحامل للجنسية الأوكرانية منذ سنة 2020، قد اضطر للعمل مع القوات الأوكرانية مجبرا كمترجم ولم يشارك يوما في القتال إلى جانبهم.

وكان إبراهيم سعدون البالغ من العمر 21 سنة قد التحق بأوكرانيا من أجل متابعة دراسته في كلية علم ديناميكا وتكنولوجيا علم الفضاء، حيث كان حسب والده من بين الطلبة النوابغ والمتفوقين.

ضمان محاكمة عادلة . 

اذ و فور اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية وجد آلاف الطلبة المغاربة الذين كانوا يتابعون دراستهم في أوكرانيا، أنفسهم مرغمين على مغادرة الأراضي الأوكرانية، فيما اضطر بعضهم للبقاء لظروف خاصة أو بسبب التزامات معينة.

يقول عضو الجمعية الوطنية لآباء وأمهات الطلبة المغاربة في أوكرانيا محمد عكشا، إن عائلة الشاب إبراهيم لم تستفق بعد من هول الصدمة بعد صدور الحكم بالإعدام في حق ابنها، مستطردا بأن الأمر لا يتعلق بحكم نهائي وبأنه قابل للاستئناف بعد شهر عبر محكمة النقض.

ويضيف عكشا في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” بأن الشاب الذي وقع أسيرا في قبضة القوات الانفصالية الموالية لروسيا لم تتم محاكمته كأسير حرب مدني، بل باعتباره كمشارك إلى جانب عناصر “مرتزقة” في الحرب ضد القوات الروسية والقوات الانفصالية الموالية لها.

ويعتقد المتحدث، بأن محاكمة الشاب المغربي لم تستوف معايير وشروط المحاكمة العادلة، مستدلا بشريط الفيديو المنتشر والذي استعرض الأجواء داخل قاعة المحكمة حيث لم يحظ إبراهيم سعدون بمؤازرة هيئة دفاع لإثبات براءته من التهم الموجهة إليه، وصدر الحكم في حقه في وقت وجيز.

وشدد عكشا، على أن الشاب إبراهيم كان ضحية وضع يمر فيه ذلك البلد، حيث قادته الظروف للالتحاق بصفوف القوات الأوكرانية بقوة القانون بحكم أنه يحمل الجنسية الأوكرانية، قبل أن يقع في أيدي القوات الموالية لروسيا.

ويرى المتحدث، بأن على السلطات المغربية التدخل عبر القنوات الدبلوماسية في ظل الظروف الاستثنائية التي تشهدها أوكرانيا والمناطق الخاضعة لسيطرة القوات الانفصالية بشكل خاص، للحيلولة دون تنفيذ عقوبة الإعدام في حق الشاب المغربي ومحاولة ترحيله إلى المغرب.

خطر المقاتلين في بؤر التوتر

وأعادت قضية إبراهيم سعدون ملف الشباب المغاربة الملتحقين بجبهات القتال داخل بؤر التوتر في مختلف بقاع العالم إلى الواجهة من جديد، والمطالب المتعلقة بإعادتهم إلى أرض الوطن وضمان شروط المحاكمة العادلة لهم.

يقول الخبير في الشؤون الأمنية محمد أكضيض، أن “الشاب سعدون يعتبر حالة معزولة ومتفردة، وذلك بالنظر لعدم انتمائه لأي جماعة متطرفة وعدم ثبوت تدربه على القتال أو المشاركة فيه، ما يخلي ذمته من الانتماء لفئة قد تمثل أي تهديد محتمل، على عكس من انتقلوا إلى بؤر التوتر في سوريا والعراق بكامل إرادتهم من أجل الالتحاق بتنظيمات إرهابية للمشاركة في المعارك”.

والد إبراهيم يقول إنه كان يعمل كمترجم في أوكرانيا
والد إبراهيم يقول إنه كان يعمل كمترجم في أوكرانيا

ويشدد الخبير الأمني، على أنه “يجب اعتبار الشاب المغربي الذي صدر في حقه حكما بالإعدام في أوكرانيا أسير حرب، مشيرا إلى أنه لا يحمل فكرا متطرفا بل ربما قاده تأثره بمشاهد ومآسي الحرب للتفاعل مع الوضع”.

ويضيف أكضيض في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” بأن على المغرب التعامل في هذا الإطار مع كل حالة على حدى، والتفرقة بين من ثبت تورطه في المشاركة في المعارك وحمل السلاح، وبين من لم يتورط في عمليات قتال خارج أرض المملكة.

ويستطرد المتحدث، أن المغرب اكتسب خبرة كافية للتعامل مع جميع الحالات التي يمكن أن تشكل تهديدا للمجتمع وللأمن العام، بفضل جهاز أمني فعال وخططه الاستباقية في التصدي لكل أشكال الإرهاب وتتبع خطواته.

أهالي طلبة أوكرانيا يطالبون بتسريع عملية الإدماج‬ . 

بسبب قلقهم على مصير أبنائهم، التأم أولياء أمور الطلاب العائدين من أوكرانيا، الخميس، في وقفة سلمية أمام مقر وزارة التعليم العالي والابتكار بالعاصمة المغربية الرباط، مطالبين بإيجاد حل استعجالي لأولادهم وبناتهم وإدماجهم في مختلف الجامعات والمعاهد العليا المغربية.

أمهات وآباء تكبدوا عناء الطريق وقدموا من مختلف مدن المملكة من أجل هدف واحد، وهو إيصال صوتهم إلى الوزارة الوصية وباقي المتدخلين والفاعلين، لتسريع وتيرة الإدماج في المؤسسات العمومية تفاديا لمصير مجهول أو “سنة بيضاء”.

وكانت علامات الحزن بادية على وجوه الأمهات اللواتي بكين حرقة وحزنا على ما آل إليه أبناؤهم جراء اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

في هذا الصدد، تقول فاطنة، أم مكلومة قدمت من مدينة الدار البيضاء: “لم أستوعب لحد الآن ما حدث، ابنتي تدرس في السنة الثانية بكلية الطب وبسبب تأخر القبول بإحدى الجامعات، فإنها تعاني حالة اكتئاب”.

واسترسلت الأم، في حديث خاص : “ابنتي رفضت المجيء معي والمشاركة في الوقفة بدعوى أنها فقدت الأمل وتردد باستمرار: ماما ضاع مستقبلي”.

المتحدثة فاطنة ليست الأم الوحيدة التي تعيش ابنتها وضعا صعبا بسبب تأخر إجراءات القبول بالجامعة، بل المصير نفسه يعانيه كل الطلاب العائدين من أوكرانيا رغم اختلاف التخصصات.

وبالقرب من عمود كهربائي وقف (محمد.ح) يمعن النظر في المشاركين في الوقفة، تارة يلتف يمينا وأخرى شمالا، عله يرى أحد المسؤولين لإعلان حل مشكل هؤلاء الطلبة.

وقال الأب محمد، الذي قدم من مدينة وجدة (شرق المملكة)، إنه يتمنى أن يكون جواب المسؤولين إيجابيا ومفرحا للطلبة الذين فقد أغلبهم الأمل في متابعة دراستهم بالمغرب.

ورغم حزنه على مصير ابنته، واصل الأب حديثه مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “ابنتي باتت تعاني وضعا نفسيا صعبا لأنها سئمت الانتظار، كان لديها أمل بعد عودتها من أوكرانيا وسماع إعلان الجهات المسؤولة عن إدماج هؤلاء الطلبة العائدين في الجامعات والمعاهد”.

وتابع الأب بمرارة: “نريد من الجهات المعنية أن تطمئن الأمهات والأباء بالمصير الدراسي لهؤلاء الطلبة حتى لا يظل مجهولا”.

وقبل أن يتمم محمد كلامه قاطعته والدة حمزة السهيلي قائلة بصوت مرتفع: “منذ أكثر من شهر ونحن ننتظر رد وزارة التعليم العالي، لكن لحدود الآن لم يتبين لنا أي شيء، والمصير مجهول”.

وتقول أم حمزة بنرفزة: “نطالب الوزارة الوصية بإخبارنا بالحلول المقترحة لإنقاذ أبنائنا من الضياع”، ورددت “أبناؤننا لم يعودوا من أوكرانيا بمحض إرادتهم”.

وضع نفسي صعب . 

وعن الحالة النفسية التي يعانيها أغلب الطلبة، أكد مصطفى مربي، القادم من مدينة خريبكة (تقع جنوب شرق مدينة الدارالبيضاء)، أنهم يحتاجون في هذه الفترة التي وصفها بالعصيبة إلى علاج نفسي، أولا بسبب الظروف التي مروا منها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وثانيا بسبب تأخر عملية القبول بالجامعات المغربية.

وشهدت الوقفة كذلك مشاركة الطلبة، الذين سئموا طول الانتظار ويتوجهون بدورهم إلى الجهات المسؤولة لإيجاد حل فوري لانتشالهم من الضياع.

وفي هذا الصدد، قالت حفصة، وهي طالبة بالسنة الرابعة طب عام، لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، إنه يمكن للجهات المعنية في المغرب أن تتصل بنظيرتها في أوكرانيا حول الدروس وطريقة التنقيط ومعرفة استراتيجة الدراسة في أوكرانيا من أجل إيجاد حل في أقرب وقت.

وأضاف: “أدرس حاليا عن بعد لكن خلال السنة الدراسية المقبلة ستعترضنا مشاكل بسبب عدم إمكانية العودة إلى أوكرانيا”.

ومن أجل إيجاد حلول لهؤلاء الطلبة، يؤكد الدكتور عبدالله بادو، أستاذ باحث في علم المناعة بكلية الطب والصيدلة في جامعة الحسن الثاني بالدارالببيضاء، أنه بسبب الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، يعيش الطلبة المغاربة العائدون من أوكرانيا وضعية صعبة، تستوجب حلولا في أقرب وقت.

 استحضار الجانب الإنساني . 

وأضاف بادو في تصريح في حوار سابق أن مجموعة من الأصوات تطالب بإدماج هؤلاء الطلبة في الجامعات المغربية.

عائلة إبراهيم تناشد السلطات التدخل للإفراج عنه
عائلة إبراهيم تناشد السلطات التدخل للإفراج عنه

وعن كيفية تحقيق هذا الإدماج، استحضر بادو، أولا الجانب الإنساني، وثانيا مدى تطابق التكوينات السريرية في الجامعات المغربية (ما بين المستقبلة والأوكرانية)، ثم ضرورة ضمان تداريب سريرية ذات جودة لفائدة جميع الطلبة.

وذهب المتحدث نفسه إلى أن “هؤلاء الطلبة يعيشون خطر سنة بيضاء التي ستضيع على إثرها المجهودات الجبارة التي بدلوها منذ بداية هذه السنة الجامعية”.

الحلول المقترحة . 

وفيما يتعلق بقبول الطلبة العائدين من أوكرانيا، يشدد بادو على أنه يجب القيام بعمل تقني دقيق لمعرفة ما إذا كان طالب بمستوى السنة الثانية طب في جامعة ما بأوكرانيا يمكنه إتمام دراسته في السنة الثانية بجامعة ما في المغرب، دون وجود أي خلل أو عدم توافق في المواد والوحدات.

ويفسر المتحدث أنه “يجب على الطالب في سنة ما في الجامعة “أ” أن يملك جميع المتطلبات المسبقة منها من أجل القدرة على الإدماج في السنة نفسها بالجامعة “ب”.

وبخصوص الشق الثالث، يقول بادو إنه يهم جانب التكوينات التي تتعلق بالتداريب الاستشفائية داخل المستشفيات الجامعية تحت إشراف أساتذة-أطباء، لضمان تكوين شامل وذي جودة لجميع الطلبة الأطباء مع الأخذ بعين الاعتبار عدد الأساتذة المؤطرين للطلبة، وعدد الأسرة بالمستشفيات الجامعية.

وختم محاورنا كلامه بالقول: “الجميع مع دمج الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا بالجامعات المغربية، لكن شريطة أن يتم بشكل منطقي حتى لا يؤثر سلبا على التكوينات والدروس التوجيهية والتطبيقية أو التداريب الاستشفائية داخل المستشفيات الجامعية”.

حُكم الاعدام بحق إبراهيم سعدون . 

أفادت وكالة ريا نوفوستي للأنباء، بأن المحكمة العليا في جمهورية دونيتسك الشعبية التي تدعمها روسيا، أصدرت الخميس أحكاما بالإعدام على 3 مقاتلين.

يواجه إبراهيم عقوبة الإعدام
يواجه إبراهيم عقوبة الإعدام

وقالت الوكالة إن المقاتلين الثلاثة هما بريطانيين ومغربي، أُلقي القبض عليهم أثناء قتالهم لصالح أوكرانيا .

وخلصت المحكمة إلى أن الرجال الثلاثة مذنبون لاتخاذ إجراء في اتجاه الإطاحة العنيفة بالسلطة، وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام في الجمهورية غير المعترف بها. كما أدينوا بتهمة القيام بأنشطة المرتزقة والإرهاب.

وقالت وكالة الأنباء الروسية إن الرجال الثلاثة من المقرر أن يواجهوا الإعدام رميا بالرصاص. ويحق لهم الاستئناف على الحكم خلال شهر.

ووفقا لسكاي نيوز، فأن الرجال الثلاثة وهم أيدن آسلن وشون بينر والمغربي سعدون إبراهيم، تم محاكمتهم وإصدار الحكم خلال 3 أيام فقط، في المحكمة العليا لجمهورية دونيتسك الانفصالية.

وألقي القبض على المقاتلين الثلاثة خلال المواجهات العنيفة في مدينة ماريوبول شهر أبريل الماضي، وتم توجيه تهم لهم بالعمل كـ”مرتزقة” لأوكرانيا.

ومن جهته، قال وزير الدفاع الروسي إن المقاتلين الثلاثة غير محميين بقانون حقوق الإنسان، لأنهم ليسوا مقاتلين أوكرانيين معترف بهم.

المزيد : من هو ابو الحسن القرشي زعيم داعش الارهابي الذي اعتقل في تركيا ؟ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى